يصادف الثلاثاء الموافق للسابع عشر من نيسان (أبريل) من كل عام الذكرى السنوية ليوم الأسير الفلسطيني، وهي مناسبة جرى إحياؤها على مدى السنوات المنصرمة، إلا أنها تكتسب أهمية استثنائية هذا العام، حيث تأتي وسط تصعيد سلطات الاحتلال الخطير في التعامل مع المعتقلين وانتهاك حقوقهم الإنسانية ووسط تصعيد لسياسة الاعتقال الإداري.
وتشير إحصاءات مؤسسة الضمير لرعاية الأسرى وحقوق الإنسان في رام الله، إلى أن عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ حتى نهاية آذار (مارس) من العام الجاري (4610) معتقلين، من بينهم (203) أطفال من بينهم (31) طفلاَ لم يتجاوزا السادسة عشر من العمر إضافة لاعتقال ثلاثة أطفال من سكان القطاع خلال الأيام المنصرمة، و(6) سيدات و(27) نائباً من أعضاء المجلس التشريعي، و(322) معتقلاً إدارياً من بينهم (24) من نواب الشعب الفلسطيني، ومن بين المعتقلين (456) معتقلاً من سكان قطاع غزة من بينهم معتقلاً واحداً وفق لقانون المقاتل غير الشرعي. ومن بين المعتقلين (153) من سكان القدس الشرقية و(192) من فلسطينيي الداخل (48). كما أن (527) معتقلاً يقضون عقوبة السجن مدى الحياة، و(449) معتقلاً يقضون عقوبة السجن لمدة (20 عاماً)، و(23) معتقلاً يقضون عقوبة السجن أكثر من (25 عاماً) و(52) معتقلاً يقضون عقوبة بالسجن أكثر من (20 عاماً).
وتتزامن المناسبة هذا العام مع استمرار نضال المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، الذي شرع فيه المعتقل خضر عدنان بعد أن خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام لمدة (66) يوماً، ثم واصلته المعتقلة هناء الشلبي بعد أن أضربت (44) يوماً عن الطعام وتلاها العشرات من المعتقلين الذين أعلنوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام يتواصل حتى صدور البيان وتجاوز بعضهم يومه (49) من الإضراب عن الطعام.
واستمراراً للنضال من أجل الحرية والكرامة الإنسانية فقد أعلن المعتقلون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية إضرابهم المفتوح عن الطعام في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني تحت شعار "سنحيا بكرامة"، وقد حدد المعتقلون مطالب واضحة لإضرابهم المفتوح عن الطعام، وهي:
وقف سياسة الاعتقال الإداري، وقف وإنهاء العزل بشكل مطلق وعودة المعزولين إلى أقسام السجون، وقف سياسة التفتيش العاري للعائلات والأسرى، وقف اقتحام الغرف بشكل مفاجئ ومسائي، تحسين الخدمات الصحية والطبية – وعدم الانتظار لسنوات من اجل إجراء عملية جراحية، السماح بتقديم امتحانات التوجيهي واستكمال التعليم الأكاديمي إن كان بالجامعات الإسرائيلية أو الفلسطينية، إلغاء ما يسمى "قانون شاليط"، السماح للأهل من الزيارة أهالي قطاع غزة والأسرى المحرومين بدواعي مختلفة من الضفة الغربية، وضع الأسيرات الأمنيات في أقسام تخصهن، عدم خلط الأسرى الأطفال مع الجنائيين الإسرائيليين ووضعهم بأقسام تخصهم، سياسة فرض غرامات على الأسرى، السماح بإدخال الملابس ومواد غذائية محددة بشكل دائم للأسرى بالسجون.
يشار إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية التي يناضل المعتقلون الفلسطينيون لوقفها تشكل انتهاكات جسيمة للمعايير الدولية لمعاملة السجناء، لاسيما قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء للعام 1955، ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من إشكال الاحتجاز أو السجن التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1988، واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب، والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب للعام 1948 والتي انضمت إسرائيل لها عام 1991.
هذا بالإضافة إلى الغطاء الذي يوفره القانون الإسرائيلي لمحققي جهاز الأمن العام بممارسة التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين، حيث أنه يعفى المحققين من إجراء تسجيل لكل جلسات التحقيق مع المتهمين، [1]وهو أمر يفرضه في حالة التحقيق مع إسرائيليين. وبالإضافة إلى ما يوفره 'مبدأ الضرورة'، الذي ينص عليه القانون الإسرائيلي وأقرت المحكمة الإسرائيلية العليا بقانونيته ، من حماية لمرتكبي جرائم التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين، حيث يوفر القانون الإسرائيلي الحصانة للمحققين من جهاز الشاباك، ويحول دون مسائلتهم جنائياً ومدنياً على ما ارتكبوه أثناء عمليات التحقيق طالما قاموا به للضرورة و'بحسن نية'.[2]
مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يجدد استنكاره للانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي بحق المعتقلين الفلسطينيين وإذ يعبر عن اعتزازه بنضالات المعتقلين الفلسطينيين في مواجهة جلاديهم، فإنه يؤكد استمرار جهوده في الدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين وفضح الانتهاكات التي ترتكب بحقهم، ويجدد تأكيده على أن الجهود التي تقوم بها مؤسسات حقوق الإنسان لا يمكن لها وحدها أن تحقق النجاح المنشود، خاصةً طالما لم يوحد المجتمع الفلسطيني نظامه السياسي بما يمنح قضية المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أولوية خاصة، والعمل على تحشيد الجهود العربية والدولية لممارسة أقصى درجات الضغط على دولة الاحتلال لوقف انتهاكاتها الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان، والعمل على تحرير المعتقلين الفلسطينيين.
وفي هذا السياق يجدد مركز الميزان دعوته منظمات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية والمحلية والأحزاب السياسية إلى التحرك الجاد لفضح ما ترتكبه قوات الاحتلال من انتهاكات لقواعد القانون الدولي. كما يدعو المركز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للتحرك لوقف الانتهاكات الخطيرة بحق المعتقلين الفلسطينيين، وخاصة قانون المقاتل غير الشرعي والاعتقال الإداري، والعمل على إلزام سلطات الاحتلال بواجباتها القانونية في احترام حقوق المعتقلين في الحماية من التعذيب وسوء المعاملة، وتوفير احتياجات المعتقلين كافة من الرعاية الصحية وزيارات الأهل ومراسلتهم والاتصال بهم، والإفراج العاجل عن الأطفال والنساء والموقوفين دون محاكمات تمهيداً لتحرير المعتقلين الفلسطينيين كافة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق